يواجه أكثر من 21.6 مليون شخص، أي 75% من سكان اليمن، ممن أرهقتهم سنوات الحرب الثمانية، إحتياجات إنسانية ملحة .[1]يحتاج الشعب اليمني ويريد أن ينظر إلى المستقبل ويبتعد عن المساعدات الإنسانية ويتجه نحو الاعتماد على الذات وإعادة بناء بلده. يقف اليمن أمام فرصة تاريخية للإنتقال نحو السلام الدائم. إن المجتمع الإنساني ملتزم بدعم هذا الإنتقال.
واليوم، يعاني 17 مليون شخص من إنعدام الأمن الغذائي. ويشمل ذلك 6.1 مليون [2]شخص في مرحلة الطوارئ بموجب التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)، والذي يشير إلى نقص حاد في الغذاء وسوء التغذية الحاد ويؤثر بشكل خاص على النساء والأطفال، مع وجود خطر الوفاة بسبب الجوع .[3]كما يواجه اليمن نقصاً حاداً في المياه لأغراض الإنتاج الزراعي والاستخدام البشري [4]. ويحتاج ما يقرب من 15.4 مليون شخص المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي لتجنب التعرض لخطر الإصابة بالكوليرا وغيرها من الأمراض الفتاكة. وقد أدى الإزدحام في المخيمات، وانخفاض معدلات التلقيح، وعدم إمكانية الوصول إلى العديد من الأطفال، إلى زيادة في حالات الحصبة والحصبة الألمانية. إن النظام الصحي في اليمن يتداعى تحت ضغط ضرورة تلبية الاحتياجات المتزايدة بموارد قليلة أو معدومة، مما أدى إلى افتقار ما يقدر بنحو 20.3 مليون شخص إلى الرعاية الصحية. وفي مختلف أنحاء البلاد، تموت امرأة كل ساعتين أثناء الحمل أو الولادة، في حين تتم 6 من كل 10 ولادات دون وجود قابلة مدربة.[5] يجب إعطاء أولوية قصوى لإزالة الألغام، حيث لا تزال اليمن احدى أكثر دول العالم تلوثًا بمخلفات الحرب القابلة للانفجار (ERW) التي تؤدي إلى الوفاة والتشويه، وخاصة الأطفال.
يحتاج ما لا يقل عن 17.7 مليون شخص إلى المساعدة والخدمات المتعلقة بالحماية .[6]تواجه النساء والفتيات، على وجه الخصوص، مخاطر متزايدة للعنف والاستغلال أثناء محاولتهن الوصول إلى الخدمات الأساسية بسبب المسافات الطويلة والصعبة. كما انه يوجد أكثر من 11 ملايين طفل معرضون للخطر ويحتاجون إلى الحماية والخدمات الأساسية .[7]يعاني ما يقرب من واحد من كل أربعة يمنيين، أو أكثر من 5.5 مليون شخص، من اضطرابات الصحة النفسية، وذلك نتيجة لمعايشتهم الصراع لسنوات, وهم بحاجة إلى التدخل الطبي .[8]يتعرض عشرات آلاف المهاجرين وطالبي الجوء عبر أحد أخطر طرق الهجرة في العالم بين القرن الأفريقي والشرق الأوسط للعديد من المخاطر، بما في ذلك العنف، تقطع السبل بهم في الخطوط الأمامية للصراع، والاتجار، والاحتجاز. ولا يزال ما يقدر بنحو 209,000 مهاجر وأكثر من 71,000 لاجئ وطالب لجوء في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية في جميع أنحاء البلاد، وخاصة الأطفال المعرضين بشدة للمخاطر.
وعلى الرغم من حجم هذه الاحتياجات الإنسانية، فإن توجهات التمويل المتناقصة لا تزال تثير قلق المجتمع الإنساني في اليمن، مع وجود فجوة تمويلية ضخمة، ما لبثت أن تتزايد بشكل مطرد على مدى السنوات الخمس الماضية، مما يزيد من تفاقم الوضع. بحلول أغسطس/ آب 2023، لم يتم توفير سوى 31.2 بالمائة من مبلغ 4.34 مليار دولار أمريكي وهو المبلغ المطلوب لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية[9]. مما أدى إلى تقليص حاد ومقلق في المساعدات، وأثر على الفئات الأكثر ضعفاً في اليمن. ومنها ما أعلنه برنامج الأغذية العالمي مؤخراً من تعليق تدخلات الوقاية من سوء التغذية في اليمن اعتباراً من نهاية سبتمبر/أيلول بسبب نقص التمويل، مما سيؤثر على 2.4 مليون شخص.[10] إن تقليص التمويل يعرض الملايين من الأشخاص الضعفاء لتفشي الأمراض المنتشرة والجوع ومحدودية الوصول إلى الرعاية الصحية. يترافق هذا مع تقلص الدعم المقدم للمرافق الصحية في المناطق الأكثر ضعفاً. بعد عام 2019، حينما بلغ التمويل الإنساني 87 بالمائة، فشل التمويل مراراً وتكراراً في مجاراة الإحتياجات، لتصل في النهاية ما يزيد بالكاد عن 50 بالمائة في عام 2022.[11]
في عام 2022، وصل ما نسبته 43 بالمائة من الصندوق الإنساني لليمن (YHF) إلى المنظمات المحلية، وفي حين أن هذه النسبة تمثل زيادة واعدة ضمن آلية التمويل هذه إلا انها بلغت 32.2 مليون دولار فقط مما يمثل نسبة منخفضة للغاية من التمويل الإجمالي لليمن. إن مستويات التمويل في عام 2023، ستؤثربدورها بشكل سلبي على فضاء المجتمع المدني المزدهر والنشط و على قدرته على العمل. إن زيادة التمويل عالي الجودة لمنظمات المجتمع المدني اليمنية المحلية، بما في ذلك المنظمات التي تقودها المرأة، ستضمن تحسين التواصل مع المجتمعات المحلية وهي خطوة إيجابية نحو الوفاء بالالتزامات المتعلقة بالتوطين .
تعرض اقتصاد البلاد للدمار. وتؤثر التحديات المستمرة المتعلقة بالوقود والعملات المتنافسة الضعيفة والسياسات المالية والتضخم المستمر على قدرة السكان على شراء السلع والخدمات الأساسية، مما يدفعهم إلى اللجوء إلى استراتيجيات التكيف السلبية والتي لا يمكن عكس أثرها. يجب على المجتمع الدولي، إلى جانب المساعدات الإنسانية، دعم اليمن من خلال الاستثمار في حزمة مالية اقتصادية تهدف إلى استقرار العملات المحلية، ودعم وتمكين الاستيراد التجاري للسلع إلى البلاد، ودعم الحلول نحو آلية لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية.
علاوة على ذلك، ومع الأمل بإحلال السلام في البلاد، يتولد زخم قوي للاستثمار في إيجاد حلول دائمة لأزمة النزوح. وهذا أمر إيجابي يستوجب على المجتمع الدولي أن يعمل على دعم اليمنيين لإيجاد بدائل للنزوح بمجرد توفر خيارات آمنة وكريمة ومستدامة. يجب أن تسترشد خطط الاستجابة الإنسانية والتنموية المصممة لإيجاد حلول دائمة للنزوح بآراء النازحين أنفسهم وما يفضلونه، لا سيما في سياق الصراع المستمر. يستلزم القيام بذلك بشكل كامل توفر إمكانية الوصول دون عوائق إلى جميع المجتمعات لتحديد احتياجاتها ونواياها. نأمل أن يولي صندوق حلول النزوح الداخلي (IDSF)[12] القادم لعام 2023 الأولوية لليمن. من شأن هذا الأمر أن يخفف أيضاً من الاعتماد على المساعدات الإنسانية مع مرور الوقت.
يواصل الشركاء في المجال الإنساني تقديم المساعدات إلى ما متوسطه 9 ملايين شخص كل شهر. وفي الفترة ما بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز 2023، تم توفير المساعدات الغذائية لأكثر من 13.6 مليون شخص، وتزويد أكثر من 4.7 مليون شخص بخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، كما حصل أكثر من 2.6 مليون شخص على مساعدات الرعاية الصحية، وأكثر من 3 ملايين على الدعم التغذوي.
كجهات فاعلة دولية ووطنية ضمن المجتمعات الإنسانية والتنموية في اليمن، نقدر سخاء المانحين في دعم الاستجابة على مر السنين ونحث الدول الأعضاء المانحة على النظر بشكل عاجل في ما يلي:
- رفع مستوى التمويل الإنساني عالي الجودة والمرن، بما يتماشى مع خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2023 بحيث يتم تمكين الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، ومنظمات المجتمع المدني اليمنية بشكل خاص، بما في ذلك تلك التي تدعم النساء والفتيات، من تلبية الإحتياجات وتجنب انحسار المكاسب التي تم تحقيقها نحو تعزيز قدرة الشعب اليمني على التكيف ودعمه لإستعادة قدرته بالاعتماد على الذات. تتطلب الاستجابة الإنسانية في اليمن عدداً أكبر وأكثر تنوعاً من الجهات المانحة.
- ضمان عدالة التمويل عبر القطاعات، بما في ذلك تلك التي شهدت تقليديًا نقصًا في التمويل، مثل الصحة والتعليم والحماية، مع الأخذ في الاعتبار أن الدعم الإنساني في هذه القطاعات له دور حاسم في التعافي على المدى الطويل ومستقبل البلاد.
- ضمان إتاحة التمويل الإنساني في أقرب وقت ممكن من العام ومواصلته على فترات منتظمة على مدار العام لتمكين تقديم الخدمات دون انقطاع.
- العمل بشكل وثيق مع الموقعين أدناه من أجل زيادة التناغم بشكل جماعي بين المساعدات الإنسانية والتنموية، ضمن فضاء يدعم ويشجع جهود السلام الشاملة. ويجب أن يكون رفع مستوى تمويل التنمية أولوية، مع عدم تقويض التمويل الإنساني لتلبية الإحتياجات المستمرة في الوقت نفسه.
تقول مايا، 10 سنوات، وهي إحدى الناجين من الألغام الأرضية: “سيحظى الأطفال وجيل الشباب بمستقبل مشرق، إذا ما توفرت لهم الموارد. لكن على العالم تولي زمام المبادرة. رسالتي هي ضرورة مساعدة أطفال اليمن على العيش بسلام”.
——
الموقعون
وكالات الأمم المتحدة